فصل: تفسير الآية رقم (10):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (2- 5):

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2) وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (4) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (5)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {هو الذي خلقكم من طين} يعني آدم {ثم قضى أجلاً} يعني أجل الموت {وأجل مسمى عنده} أجل الساعة والوقوف عند الله.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله: {ثم قضى أجلاً} قال: أجل الدنيا. وفي لفظ: أجل موته {وأجل مسمى عنده} قال: الآخرة لا يعلمه إلا الله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {قضى أجلاً} قال: هو النوم، يقبض الله فيه الروح ثم يرجع إلى صاحبه حين اليقظة {وأجل مسمى عنده} قال: هو أجل موت الإِنسان.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {هو الذي خلقكم من طين} قال: هذا بدء الخلق، خلق آدم من طين {ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين} [ السجدة: 8] {ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده} يقول: أجل حياتك إلى يوم تموت، وأجل موتك إلى يوم البعث {ثم أنتم تمترون} قال: تشكون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {ثم قضى أجلاً} قال: أجل الدنيا الموت {وأجل مسمى عنده} قال: الآخره البعث.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة والحسن في قوله: {قضى أجلاً} قالا: أجل الدنيا منذ خلقت إلى أن تموت {وأجل مسمى عنده} قال: يوم القيامه.
وأخرج أبو الشيخ عن يونس بن يزيد الأيلي {قضى أجلاً} قال: ما خلق في ستة أيام {وأجل مسمى عنده} قال: ما كان بعد ذلك إلى القيامة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {ثم أنتم تمترون} قال: تشكون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان في قوله: {ثم أنتم تمترون} يقول: في البعث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين} يقول: ما يأتيهم من شيء من كتاب الله إلا أعرضوا عنه. وفي قوله: {فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون} يقول: سيأتيهم يوم القيامة أنباء ما استهزأوا به من كتاب الله عز وجل.

.تفسير الآية رقم (6):

{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (6)}
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله: {من قرن} قال: أمة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم} يقول: أعطيناهم ما لم نعطكم.
وأخرج أبن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {وأرسلنا السماء عليهم مدراراً} يقول: يتبع بعضها بعضاً.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن هارون التميمي في قوله: {وأرسلنا السماء عليهم مدراراً} قال: المطر في إبانه.

.تفسير الآية رقم (7):

{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: {ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم} يقول: لو أنزلنا من السماء صحفاً فيها كتاب فلمسوه بأيديهم لزادهم ذلك تكذيباً.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس} يقول: في صحيفة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فلمسوه بأيديهم} يقول: فعاينوه معاينة ومسوه بأيديهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {فلمسوه بأيديهم} قال: فمسوه ونظروا إليه لم يصدقوا به.

.تفسير الآيات (8- 9):

{وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (8) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (9)}
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق قال: «دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه إلى الإِسلام وكلمهم فابلغ إليهم فيما بلغني، فقال له زمعة بن الأسود بن المطلب، والنضر بن الحارث بي كلدة، وعبدة بن عبد يغوث، وأبي خلف بن وهب، والعاصي بن وائل بن هشام: لو جعل معك يا محمد ملك يحدث عنك الناس ويرى معك، فأنزل الله في ذلك من قولهم {وقالوا لولا أنزل عليه ملك...} الآية».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {وقالوا لولا أنزل عليه ملك} قال: ملك في صورة رجل {ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر} قال: لقامت الساعة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر} يقول: لو أنزل الله ملكاً ثم لم يؤمنوا لعجَّل لهم العذاب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {ولو أنزلنا ملكاً} قال: ولو أتاهم ملك في صورته {لقضي الأمر} لأهلكناهم {ثم لا ينظرون} لا يؤخرون {ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً} يقول: لو أتاهم ملك ما أتاهم إلا في صورة رجل لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة {وللبسنا عليهم ما يلبسون} يقول: لخلطنا عليهم ما يخلطون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً} قال: في صورة رجل، وفي خلق رجل.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً} يقول: في صورة آدمي.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً} قال: لجعلنا ذلك الملك في صورة رجل، لم نرسله في صورة الملائكة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وللبسنا عليهم} يقول: شبهنا عليهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {وللبسنا عليهم ما يلبسون} يقول: شبهنا عليهم ما يشبهون على أنفسهم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {وللبسنا عليهم ما يلبسون} يقول: ما لبس قوم على أنفسهم إلا لبس الله عليهم، واللبس إنما هو من الناس، قد بين الله للعباد، وبعث رسله، واتخذ عليهم الحجة، وأراهم الآيات، وقدم إليهم بالوعيد.

.تفسير الآية رقم (10):

{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (10)}
أخرج ابن المنذر وابي أبي حاتم عن محمد بن إسحاق قال: «مر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني بالوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، وأبي جهل بن هشام، فهمزوه واستهزأوا به، فغاظه ذلك، فأنزل الله: {ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤون}».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {فحاق بالذين سخروا منهم} من الرسل {ما كانوا به يستهزؤون} يقول: وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.

.تفسير الآيات (11- 12):

{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11) قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (12)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين} قال: بئس- والله- ما كان عاقبة المكذبين، دمر الله عليهم وأهلكهم ثم صيرهم إلى النار.
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سلمان في قوله: {كتب على نفسه الرحمة} قال: إنا نجده في التوراة عطيفتين، أن الله خلق السموات والأرض ثم جعل مائة رحمة قبل أن يخلق الخلق، ثم خلق الخلق فوضع بينهم واحدة وأمسك عنده تسعاً وتسعين رحمة، فيها يتراحمون، وبها يتعاطفون، وبها يتباذلون، وبها يتزاورون، وبها تحن الناقة، وبها تنتج البقرة، وبها تيعر الشاة، وبها تتابع الطير، وبها تتابع الحيتان في البحر، فإذا كان يوم القيامة جمع تلك الرحمة إلى ما عنده، ورحمته أفضل وأوسع.
وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خلق الله يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة، منها رحمة يتراحم بها الخلق وتسع وتسعون ليوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة».
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما قضى الله الخلق كتب كتاباً فوضعه عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي».
وأخرج الترمذي وصححه وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما خلق الله الخلق كتب كتاباً بيده على نفسه: إن رحمتي تغلب غضبي».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فرغ الله من القضاء بين الخلق أخرج كتاباً من تحت العرش: إن رحمتي سبقت غضبي وأنا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة أو قبضتين فيخرج من النار خلق كثير لم يعلموا خيراً: مكتوب بين أعينهم عتقاء الله».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن الله كتب كتاباً بيده لنفسه قبل أن يخلق السموات والأرض فوضعه تحت عرشه، فيه: رحتمي سبقت غضبي».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن طاوس. أن الله لما خلق الخلق لم يعطف شيء منه على شيء حتى خلق مائة رحمة، فوضع بينهم رحمة واحدة، فعطف بعض الخلق على بعض.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة حسبته أسنده قال: إذا فرغ الله من القضاء بين خلقه، أخرج كتاباً من تحت العرض فيه: إن رحمتي سبقت غضبي، وأنا أرحم الراحمين.
قال: فيخرج من النار مثل أهل الجنة، أو قال مثلاً أهل الجنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن عبد الله بن عمرو قال: إن لله مائة رحمة، فاهبط منها رحمة واحدة إلى أهل الدنيا يتراحم بها الجن، والإنس، وطائر السماء، وحيتان الماء، ودواب الأرض وهوامها، وما بين الهواء، واختزن عنده تسعاً وتسعين رحمة، حتى إذا كان يوم القيامة اختلج الرحمة التي كان أهبطها إلى أهل الدنيا، فحواها إلى ما عنده فجعلها في قلوب أهل الجنة وعلى أهل الجنة.
وأخرج ابن جرير عن أبي المخازق زهير بن سالم قال: قال عمر لكعب: ما أول شيء ابتدأه الله من خلقه؟ فقال كعب: كتب الله كتاباً لم يكتبه بقلم ولا مداد، ولكن كتب بأصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت: أنا الله لا إله إلا أنا سبقت رحمتي غضبي.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب حسن الظن بالله عن أبي قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله للملائكة: ألا أحدثكم عن عبدين من بني إسرائيل؟ أما أحدهما فيرى بنو إسرائيل أنه أفضلهما في الدين والعلم والخلق، والآخر أنه مسرف على نفسه. فذكر عند صاحبه فقال: لن يغفر الله له. فقال ألم يعلم أني أرحم الراحمين، ألم يعلم رحمتي سبقت غضبي وإني أوجبت لهذا العذاب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تألوا على الله».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن الله خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة، فجعل في الأرض منها رحمة فيها تعطف الوالدة على ولدها، والبهائم بعضها على بعض، وأخر تسعاً وتسعين إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة مائة رحمة».
وأخرج مسلم وابن مردويه عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة، كل رحمة طباق ما بين السموات والأرض، فجعل منها في الأرض رحمة، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة».